غزة - ا ف ب -
دماء على بقايا الجدران واعمدة كهرباء اغلقت الطرقات وحجارة تناثرت في كل اتجاه في محيط مجمع الوزارات غرب غزة الذي تعرض لعدة غارات جوية اسرائيلية فجرا ، بينما وقف اطفال فوق الركام مصدومين من هول الدمار.
ودمر القصف الاسرائيلي جزئيا واجهات ستة مبان سكنية تحيط في المجمع وتضم عشرات الشقق السكنية التي حطمت نوافذها.
وتحولت بناية واحدة من بين اربع وزارات في المجمع الحكومي الى كومة ركام ولم يبق من ثلاث وزارات مجاورة سوى هياكل مدمرة بعدما اصابتها صواريخ عدة.
وفوق كومة من حجارة مبنى وزارة الشؤون الخارجية المتناثرة وقف ثلاثة اطفال من عشيرة ابو عمرة التي الحق القصف دمارا في خمسة من منازل ابنائها.
ويقول الطفل محمد 11( عاما) انه جاء ليتفرج على دمار الوزارة "بيتنا ضرب من القصف .. سواء كنت في الشارع او في البيت كله نفس الشيء". ويروي اياد الصايغ الذي يسكن مقابل المجمع الوزاري "كانت ليلة رعب ..زلزال لم يمر من قبل".
ويروي الصايغ "سمعت هدير الطائرات فركضت على الفور وجمعت الاولاد وفورا نزلنا عند والدي في الطابق الارضي. لكن الصواريخ لم تهدأ. ومع انفجار كل صاروخ ، كان الاطفال يصرخون في حالة هستيريا".
وينشغل شقيقه ايهاب الصيدلاني في جمع بقايا الادوية من صيدليته التي دمر القصف جزءا منها.
وسدت اعمدة الكهرباء ونوافذ وحجارة المباني المتطايرة الشارع الرئيسي في محيط الجامعات غرب غزة.
ودمرت صواريخ الطائرات الحربية الاسرائيلية التي انهالت فجرا على مقر الجامعة الاسلامية مجددا مبنى جديدا اضيف الى مبنيين دمرتهما كليا الاثنين ، عدا عن الدمار الذي اصاب باقي مباني الجامعة. وتبدو واجهات مباني جامعتي الازهر والاقصى محطمة جراء القصف العنيف.
وذهب عبد الجليل الخطيب الذي يسكن في جوار ورشة حدادة دمرتها غارة جوية في منطقة تل الهوى غرب غزة الى حد العبث ، بقوله ان "الموت صار مثل الحياة". وتابع هذا الشاب الذي كان يحاول اغلاق نوافذ منزله المحطمة بالنايلون "لم نذق طعما للنوم منذ ثلاثة ايام ، لكن الليلة الماضية كانت مرعبة بكل المقاييس".
وتصف سارة راضي ( 29 عاما) وهي مدرسة في مدرسة حكومية ليل غزة بانه "جحيم.. حولوا حياتنا الى جحيم". وتتابع بغضب "يقولون انهم يقضون على حركة حماس .. هذا كذب انهم يريدون القضاء على الشعب الفلسطيني.. ما ذنب الاطفال والنساء يقتلونهم ويدمرون بيوتهم فوق راسهم". لكن شقيقها احمد 19( عاما) وهو من مناصري حماس رد بثقة "لن يقتلوا شعبنا ولن يقضوا على حماس بل ستقوى وستستمر في الحكم".
ويشرح اسعد الحمامي ان "الطائرات اطلقت عشرات القنابل في الوقت نفسه ، كان كل شيء يهتز .. وصراخ الأطفال والنساء يسمع في كل مكان وقد غطت العتمة كل المناطق..انها حياة كلها ظلام".
ويضيف "لا نبحث عن الاكل ولا الشراب.. فقط نريد ان نحمي اطفالنا ونعيش مثل البشر..اليهود يقتلوننا ولا احد يحرك ساكنا. اين صواريخ العرب والمسلمين والمليارات التي يصرفونها على الاسلحة.. هم يشاركون في المجازر علينا".
وبجانب الحمامي تبدو سيارة مدمرة بقرب منزل على جداره بقع دماء اصابه ضرر كبير اثر الغارات التي شنتها اسرائيل على مقر نادي "الشمس" الذي تسيطر عليه حماس في غرب مدينة غزة. ودمر القصف مبنى من طبقتين في النادي واحدثت الصواريخ حفرتين كبيرتين.
واصيبت مريم ، ابنة الحمامي ، ذات الاعوام الستة عشر بصدمة جعلتها غير قادرة على الكلام بسبب القصف الذي جعل جدران بيتها تهتز وتتشقق وزجاج النوافذ يتحطم ويقع عليهم بعد ان تجمعوا في غرفة واحدة.
وحذر سمير زقوت الاختصاصي النفساني من تداعيات الغارات الاسرائيلية مستقبلا على الاف الفلسطينيين.
وقال "ما يحدث في غزة محرقة غزية ستبقى اثارها لمئات السنين ولن ينساها الفلسطينيون لانه لا يوجد خطوط حمر. لقد قتل الاطفال في المشافي والبيوت والمساجد التي يفترض ان تحميهم". واضاف زقوت وهو مسؤول في برنامج غزة للصحة النفسية "يصاب العشرات من الاسرائيليين بالهلع من صاروخ محلي الصنع ..فما بالك صواريخ وقنابل حربية عندما يموت اكثر من 360 فلسطينيا ويصاب 1700 بجروح. فالاطفال والكبار سيعانون من اضطرابات نفسية ما بعد الصدمة مثل الاكتئاب والقلق وحتى انفصام الشخصية".
ويشير زقوت الى ان منظر الشقيقات الخمس تحت انقاض منزل مدمر بالقصف في جباليا والاشقاء الثلاثة في رفح "سينتقل جيلا بعد جيل.. وسيندم اليهود عليه طيلة حياتهم فهم يكررون مع اهل غزة ما فعله النازيون بهم".
وذكر الاختصاصي النفساني ان "عددا من الناس فقدوا عقولهم واصيبوا بالهلوسة بسبب الغارات".
وفزع الطفل محمد بصل (7 سنوات) بينما كان نائما مع اخواته في غرفة في المنزل المقابل للنادي المستهدف. وقال الطفل "صحونا على صوت الانفجار وزجاج الشبابيك على رؤسنا وانطفأت الكهرباء. صرخت وجاءت امي بسرعة وحضنتنا انا واخوتي .. احنا خايفين لان اليهود يريدون ان يموتونا".
ويقول شقيقه نضال 12( عاما) "انا خائف وكلنا مرعوبين حتى امي واخوتي صاروا يصرخون.. باب الشقة انخلع والزجاج تكسر في بيتنا وفي الصباح شاهدنا سيارة ابي مدمرة .. كل شيئ يتطاير .. اليهود مجانين لا يرحمون الاطفال".
اما الطفل محمد عياد 11( عاما) فهو مقتنع بان الغارات لن تتوقف "ممكن نموت في اي لحظة لان الطائرات في السماء باستمرار". ومنذ بدء العدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة استشهد حتى يوم امس 383 فلسطينيا بينهم 178 مدنيا غالبيتهم من الاطفال والنساء.
منقول
المجاهد